قريـــــــة "كــــــور" الفلسطينيــــــة

جذورها بأعماق الأرض وقبابها تعانق السماء

العشيرة الحاكمة في منطقة بني صعب كانت عشيرة الجيوسي التي كان برجها في كور –قضاء طولكرم ، وكانت تحت سيطرتها 24 قرية.

تقع قرية كور جنوب شرق مدينة طولكرم، وترتفع عن سطح البحر370 م، وتطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط وهي تبعد عنها 12 كيلومتر فقط وتحيط بالقرية من الشمال قريتي شوفة وسفارين ومن الجنوب أراضي كفر زيباد ومن الشرق كفر قدوم ومن الغرب أراضي قرية كفر صور وعند ذهابك من طولكرم إلى كور تمر بقرية فرعون ، قرية جبارة "واد التين" ، قرية الراس ، قرية كفر صور وعند وصولك إلى مشارف كور صعوداً أيضاً، تطلُّ عليكَ مبانيها القديمة وتشاهد في جهتها الشمالية آثارا تعود للدولة العثمانية وفي جهتها الجنوبية آثارا تعود للعصر المملوكي"

كور قرية أثرية متكاملة ونموذج للحضارات المتعاقبة بدءا من الرومانية وانتهاء بالعثمانية لاحتوائها على آثار شامخة حتى اللحظة تدلل على عصر المماليك والعثمانيين ، كما تحوي أيضا على معالم اثرية و مقامات وآثار من عصور البيزنط والرومان.

قبل النكبة كانت كور تعج بالسكان وتشتهر كثيرا بوفرة الثروة الحيوانية، فالقرية كانت بمثابة سلة غذائية وملتقى للقرى المحيطة، وهي نقطة وصل على طريق التجارة إلى مصر كانت كور مركزا لشيوخ " الجيايسة " شيوخ قطاع الصعبيات " مشيخة بني صعب " ولليوم نرى فيها بقايا حصون وبجانبها سجن ومخازن .

صممت قصور القرية بشكل متين من الناحية العمرانية، فالدور التاريخي والجغرافي ساعد على بقاءها، فالقرية كانت مركزا للحكم والسيادة وتعتبر كور من قرى الكراسي

ويظهر مسح ميداني قامت به مؤسسة (رواق) التي تُعنى بترميم المباني القديمة وجود 29 مبنى قديما في قرية كور ، وقالت المؤسسة على موقعها الالكتروني ان قرية كور تتميز بوجود ثلاثة قصور ضخمة وحصينة فيها مما "جعلها القرية الوحيدة في فلسطين المكونة من مجموعة من القصور كل قصر عبارة عن بناء مستقل."وأضافت المؤسسة "تتميز هذه القصور بكثرة القباب فيها وصغر حجم نوافذها ومداخلها الجميلة المزينة بمجموعة من الزخارف والمستويات المتعددة لغرفها.

وكور واحدة من سبع قرى في الضفة الغربية تمثل جزءاً من شبكة لأجمل القرى حول البحر المتوسط. تلك الشبكة اختارتها وزارة السياحة والآثار الفلسطينية في إطار تحضيراتها لتطوير القرى لتصبح مواقع سياحية.

كور تعبر عن أصالة التاريخ والحضارة الفلسطينية، ومن الضروري أن تلتفت إليها الجهات المعنية للعمل على ترميم بعضا من مبانيها ويمكن الاستفادة من مبانيها في حال ترميمها في مجالات السياحة والترفيه.

كان أهالي يافا الساحليّة، يسمّونها "حمامة البحر"، وكانت أضواؤها منارة لكلِّ القادمين إلى فلسطين

الواقف في وسط القرية يستطيع رؤية كلّ ما يحيطها بوضوحٍ من جميع الجهات، لوقوعها على قمة جبل مرتفع، وهو ما ميّزها تاريخيًا، وجعل أمراء الحرب يسكنونها، كما يقول الباحث في تاريخ القرى الفلسطينية حمزة ديرية.

فتاريخ القرية يعود إلى ما قبل 600 عام، حين سكنها قائد الجيش المملوكي الشيخ حرب، وبنى فيها أوّل قلعةٍ من قلاعها العسكرية، لتكون مقرًا له ولجيشه. وحسب الرواية الشعبية فإن "الشيخ حرب" حينما وصل إلى فلسطين، قام بتوزيع اللحوم على رؤوس الجبال ليعرف أيٌّ منها لا تأكله "الواويات/ الوحوش" ليسكنه، فكانت كور بموقعها الحالي، على قمة إحدى الجبال في الجنوب الشرقيّ لمدينة طولكرم.

ويعود نسب أبناء القرية بالكامل لهذا الجد، والذي بدأ ببناء أوّل الأبراج أو القلاع، وامتدَّ بناء مباني القرية من عصره الملوكيّ إلى الحكم العثمانيّ، وكانت آخرها قلعة الشيخ يوسف الجيّوسي، وهو ما جعلها تختلف عن كلّ القرى الفلسطينية؛ بأنّها قريةٌ مكوّنةٌ من 8 قلاع وتخلو من منازل للفلاحين.

فيما بعد، تحّولت كور بما تحوي من قلاع، إلى قريةٍ يسكنها أمراء الحرب فقط، وسُميّت "إمارة حرب على الدرب"، لوقوعها على طريق الجيوش القادمة لفلسطين.

كان لـ "كور" تاريخٌ ودورٌ سياسيٌّ بارزٌ، فقد كانت قرية من قرى الكراسي والحكم والإدارة في أيام المماليك والحكم العثماني فيما بعد، ووصل عدد القرى التي تتبعها إداريًا خلال الحكم العثماني إلى 24 قرية، وهو ما جعل لها تأثيرًا سياسيًا كبيرًا، وتحديدًا في الأحداث المفصلية في تاريخ فلسطين.

يقول ديرية إنّ كل من سكن المنطقة في السابق كانوا من الأمراء المحاربين، وقلاعها تعدُّ من أجمل المباني في فلسطين، فقد أقيمت لغايات عسكرية دفاعيّة، وتحتوي اسطبلات للخيل وسراديب ومنارات عالية.

لم يكن هذا البناء صدفة، وإنما جاء ليخدم سكان القرية ويتماشى مع حياتهم العسكرية، وحماية الجيوش والأمراء في داخلها، وقد بنيت نوافذها على شكل كور صغيرة، بهذه الطريقة لترى من خلالها النساء ما يجري في الخارج ولا تُرى، فأهالي القرية عُرفوا تاريخيًا بحرصهم الشديد على نسائهم من الأغراب، فلم يصاهروا أحدًا من خارجها، ولم يكُن يُسمح لهُنَّ بالخروج من المنازل.

وتميّزت قرية كور في زمن العثمانيين بشكل ملحوظ، حتى أن الصحف الصادرة في الاستانه (اسطنبول) كانت تصل لكور ليتمكن سكّانها الأمراء من الاطلاع عليها، وهو ما يشير إلى المستوى المتقدم التي كانت تتمتع به القرية.